samedi 12 février 2011

الجلاّد.......شهادة في ذاكرة الحجر


فوزية العلوي تونس

الجلاّد.......شهادة في ذاكرة الحجر..........

موثوقة الرّوح إلى سارية قديمة
أستعيد في هجعة اللّيل
تاريخها الحجريّ
أتحسّس انحفار الوقت
 في جسدها البارد
تصطدم يدي بنتوءاتها
هذي حروف لست أقرؤها،
خرساء من أصفاد ها
وذا صوت أطيار وقفت على شجر
ورنت إلى أفق تعذّرأن يطير
كانت تقبّل غيمه
وتمسّ ماء الزرع في ملكوته
 لو أنّ هذا السيّد المزرقّ
لم يعتل أغصانها
ولم يهشّم وردها بعصاته
ولم يشر لعصابة الأقنانْ
أن يأخذوا الألوان من كلّ زنبقة
كي يزرعوا في الأرض من دمهم،
ويؤرّخوا لزوالهم
أو يكتبوا سير الذين تغطرسوا
من أوّل العهد القديمْ:

يا أيّها الحجر الذي
لم يرض يوما
أن يقلب التاريخْ
 أو  ينصت  إلى
مكر الملوكْ
ياأيها القاسي نعمْ
ومفجّر الماء الذي شاء الاله
أن تشتهي  قطراته
هذي الحقول،
هلاّ همست بما ألمت
أو فلتكنْ أقسى من الجبروتْ،
هلاّ جهرت بظلمهم
وبمن رموْا من ملحهم في عين هذي
الشمس
هلاّ عددت على الأصابع
أو فوق جدران المعاقلْ
كم من قرنفلة سبوْا
كم من سنابل أحرقوا في حلمها
كم من مواويل محوا
في قلب من كان على بال البلاد
ولم يزر جنّاتها؟
كم من عيون شرّدوا
كم من جفون أجبروا أهدابها
أن تستقيل...
كم من شتاء أجهضوا كم من ربيعْ
كم من سحاب أوثقوا
"سيري يتها الغمامه
فخراجك أبدا إليْ"
وإلى طفلي الذي علّمته
أن يسرق الأطفال من أحلامهم
وإلى، ماملكت يدي من تبر هذي الأرض
من بحرها  من حبرها من قمحها من حرثها من سهلها من تلّها من بردها من قيظها من نفحها  من لفحها من موتها  من بعثها من شرقها  من غربها من صمتها  من جهرها من نومها  من صحوها ...
ملك أنا في كل شيء
وكل شيء أملكه
وأنا، معلّم التاريخ وأنا البلاد
وأنا جلاّدها
فلتنصتوا أبدا إليْ...
يا أيها الجلاّد ...
يا أيّها المتجندل في غيّه الأبدي
يا مبصر الظلماء
ومبدّدا في الفجر،
منبعه السّنيْ
يا أيّها المخلوع من صفحاتنا
كشتيمة تأبى العيون حروفها
وملوّثا بالقهر أمطار الحقول
يا مفزعا حلُم الصّغار
ومربكا ميقاتنا
وموقّعا بالخوف ميعاد الفصول
ها قد رمتك قلوبنا بشرارها
ورمتك بالأحجار أمطار السيولْ
فارحل مشيّعا بصراخنا وصهيلنا
وعويل الاف الثّكالى
وارحل ملوّثا بدماء من أعدمت
من ورد الحقول
ارحل سيبصقك التاريخ،
كمرارة في الحلق يعسر بلعها
وذبابة حطّت على وجه الخطا
ارحل ستلعنك البلاد بأهلها
ويكشّر الغيم بوجهك إمّا مررت
ويصيح أطفال البلاد إذا ظهرت
هذا الذي طمس النجوم
ورمى الرّماد على البلاد
هذا الذي سرق الضياء
وتلوّثت كل المياه بسمّه
هذا الذي كان يسمّي نفسه
سلطاننا
لكنّه في دفتر التاريخ جلاّد البلادْ



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire