mardi 8 février 2011

الانتفاضة نجحت وأطاحت بالدكتاتور.. ولابدّ من اجتثاث الدكتاتورية والتجمع


نجحت انتفاضة شعبنا، التي قادها الشباب، في الإطاحة بالدكتاتور زين العابدين بن علي، لكن الدكتاتورية مازالت قائمة. ويبدو أن الدكتاتوريّة لن تسقط إلا بقيام ثورة، تستأصل الفساد من جذوره.
والفساد هو التجمع الدستوري الديمقراطي الذي يواصل التحرك بقوّة وبصورة إجرامية، من أجل صنع دكتاتور جديد، عن طريق ميليشياته.. إنه حزب الفساد والاستبداد الذي يجب تقويضه، لأن المنتمين إليه والذين مازال بأياديهم اتخاذ القرار، أكّدوا أنّهم لم يتغيّروا ولن يتغيّروا، لأنّ الاستبداد دينهم. فهل من تفسير لتعيين ولاة أغلبهم من التجمّع؟؟ !! هل يعقل أن يتّخذ الوزير الأول محمد الغنوشي مثل ذلك القرار وهو الّذي يعلم أن التجمع مرفوض من الشّعب؟؟ كيف يتّخذ الوزير الأول هذا القرار أو يصادق عليه، وهو الذي يعلم أنّه مرفوض من قبل الشعب؟؟ لماذا يستفزّ الشعب وكأنّه يتحدّاه؟؟ قد يقول البعض إنّ محمد الغنّوشي لا يفهم في السّياسة.. وأنا أقول إنّه يفهم السّياسة جيّدا لأنّ بعض القرارات التي اتّخذها أو صادق عليها، تدلّ على مكر ودهاء، لتثبيت جذور التجمّع خلال مرحلة ما بعد الانتفاضة. وأسمح لنفسي بأن أقول أن الغنوشي يمارس المكر السياسي، مستعينا ببعض ديناصورات الحزب الحاكم المحصنين من الانقراض، وعلى رأسهم الماكر الأكبر الهادي البكّوش الوزير الأول سابقا، والوزير الأول خلف الستار حاليا. ولا أعتقد أنّ الهادي البكّوش سعيد بالانتفاضة التي أطاحت بوليده الدكتاتور زين العابدين بن علي.. الهادي البكوش سكن خلف الستار وتلبس بمحمد الغنوشي، من أجل الاجهاض على الانتفاضة وصناعة دكتاتور جديد. والبكوش لا يعمل وحده لتنفيذ مخططه، بل هو مسنود بعصابات ومليشيات التجمع الدستور الديمقراطي، الذين انطلقوا في تنفيذ خطة الإجهاض على الانتفاضة، من خلال اجتماعاتهم التّنسيقية التي انطلقت من جهة السّاحل، ولا أعتقد أن المسألة كانت صدفة. فالحزب الحاكم سواء خلال المرحلة البورقيبية أو خلال المرحلة "العابيثينية" (أي فترة حكم زين العابدين بن علي المخلوع)، كان يستمد قوّته من جهة السّاحل التّونسي. ويبدو أن الهادي البكّوش يريد أن يكون الدكتاتور الجديد المسنود من التجمع، ساحليّا.
لهذا أقول إنّ محمد الغنوشي ليس بالبراءة التي نتصوّر والتي يمكن أن تنطلي على الشّعب، ذلك الشّعب الّذي تجمّع ممثّلوه بساحة القصبة مطالبين برحيل رموز التجمع وعلى رأسهم محمد الغنوشي. ممثّلو الشعب رحّلهم الغنّوشي من ساحة الحكومة بالقصبة، بأساليب الارهاب التي كانت صورة الدكتاتور المخلوع زين العابدين بن علي حاضرة فيها. فبعد أن أعلن الغنوشي عن استعداده لقبول وفد يمثّل المعتصمين للاستماع إلى مطالبهم والتحاور معهم، وبينما كان المحامون ينسّقون مع المعتصمين لكي تتم المسألة بصورة إنسانية وحضارية، يبدو، وكما يستنتج من السيناريو الذي حصل، أن الوزير الأول كان على علم بالهجوم الأمني الإرهابي على المعتصمين، بالاستعانة بمليشيات التجمع والذين أثبتت الصّور أنّ العملية كانت محبوكة، وخصوصا اللقطة التي يطلب فيها أحد أعوان الأمن من مجموعة من الميليشيا بالتراجع بإشارة يده.
وهنا أطرح السّؤال التالي: محمد الغنوشي، عبّر عن سروره بالانتفاضة التي ستجعل الشّعب يختار من يحكمه.. وهذا الشّعب عبّر عن رفضه لتولّي الغنوشي منصب الوزير الأوّل.. فلماذا لم يقدّم الغنوشي استقالته إذا كان فعلا يحترم إرادة وقرار الشّعب؟؟؟
إنّ المسألة تطرح عدّة نقاط استفهام وتجعل الغموض يحوم حول حقيقة ما يجري ويدور في الغرف الخلفية، والتي تجعلنا نذهب إلى القول بأنّ التجمّع الدستوري الديمقراطي يتحرّك بقوّة في تلك الغرف، لكي يواصل القبض على البلاد، ويعيث فيها فسادا. ويبدو أن من يقود العملية هو الهادي البكّوش الذي اعترف بأنّه من هندس انقلاب 7 نوفمبر 1987 ومن نصّب دكتاتورا يحكمنا.. ومن الغريب أن يفاخر بذلك، ويريد أن نصدّق بأنّه يريد خيرا بالبلاد كما يدّعي.
ولهذا أقول إنّ الفساد تمثّله بعض أجهزة البوليس التي قتلت المواطنين المنتفضين، والّذين لم يسلم منهم حتى وزير الدّاخلية الحالي وقائد الجيش، حيث كادوا يتعرضون الى مكروه، لولا تدخّل فرقة مقاومة الارهاب. ولعلّ عزل عدد كبير من القيادات الأمنية، دليل كاف على الفساد في جهاز الأمن، الذي طالما كان اليد التي يبطش بها الرئيس المخلوع.. ترهيبا وتعذيبا وتقتيلا.
جهاز الأمن يحتاج إلى عملية تطهير.. تطهيره من العصابات، التي يبدو أنها ناقمة على الانتفاضة التي أجهزت على النظام البوليسي الذي لا يحاسب على الجرائم التي يرتكبها، لذلك مارسوا الارهاب بعد 14 جانفي، وكانوا اليد التي ضربت المعتصمين بساحة القصبة.
هذا الجهاز يحتاج خاصة الى تطهير عقلية سلكه، كي يتسنى له التّأقلم مع الواقع الجديد الذي صنعته الانتفاضة، من أجل أن تتغيّر نظرة المواطن إلى عون الأمن.
إن عملية تطهير أجهزة الأمن لن تكون يسيرة، باعتبارها عنكبوتيّة التركيب، وهي تركيبة ابتدعها الدكتاتور المعزول بن علي بتكتيك يعتمد في أجهزة المخابرات الدمويّة. وبن علي لم يعمل زرع الرعب من أجهزة البوليس في قلوب المواطنين فحسب، بل وفي صفوف رجال البوليس، لأن خوف البوليس من البوليس، يجعل الأجهزة طوع أوامره، تنفّذ ما يطلب منها، حتى لو أدّت التّعليمات إلى ارتكاب جرائم.
لقد نجحت انتفاضة الشعب التي قادها الشّباب وأسقطت الدكتاتور، لكن الدكتاتورية لم تسقط، لأنّ هناك من عمل على الاجهاض على الثورة لكي لا تجهض على التجمع الدستوري الديمقراطي. والاعتداء الارهابي على المعتصمين بالقصبة، ما هو إلاّ دليل يدين رموز التجمّع والأجهزة الأمنية المتحالفة معهم والمليشيات التجمعية التي تشعل الفتن.
إنّ المطلوب ألاّ تغفل العيون عمّا يدور ويحاك ضدّ الشّعب وخاصّة شباب الشّعب، إلى أن يجتثّ التجمّع من جذوره وكذلك اجتثاث الفاسدين من أجهزة الأمن.
ما يجب قوله، هو أنّ الحكومة المؤقتة مازالت لم تكسب الثقة، لأنها لم تظهر أنّها حريصة على تحقيق مطالب الشعب. فهي تراخت في اتخاذ عدّة قرارات هامّة جدّا، ممّا أدّى ربّما إلى إعدام أدلّة تدين الفاسدين، وهو ما قد يؤدّي إلى نجاتهم من المحاسبة والحساب؟؟؟ وهذا التراخي في اتّخاذ بعض القرارات، يبدو وكأنه متعمد، لمنح الفرصة لبعض الفاسدين لمحو أثار أدلّة إدانتهم. وعلى هذه الحكومة أن تعلم أنّ الانتفاضة يمكن أن تتبعها ثورة، عندما توجب مصلحة البلاد والشعب إعلان الثّورة، لأنّ الرّجوع إلى الوراء أصبح من المستحيلات.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire